قدمت ريبيكا أتكينز البالغة 25 عامًا طلبات لأكثر من 250 وظيفة خلال عامين، من غير أن توفق بأي منها، في ظل معدلات بطالة لخريجي الجامعات الشباب هي الأكثر ارتفاعًا منذ أكثر من عشر سنوات في الولايات المتحدة.
وقالت الشابة الحائزة على شهادة في القانون عام 2022 من إحدى جامعات واشنطن “كان الأمر محبطًا للغاية”، مضيفة “كنت مقتنعة بأنني شخص رديء، وبأن عملي رديء”.
وتبلغ نسبة البطالة بين الخريجين الشباب الجدد من الجامعات الأميركية 5.8%، وهي أعلى نسبة منذ نوفمبر 2013 باستثناء 15 شهرًا خلال جائحة كوفيد، كما أن هذه النسبة بقيت أعلى من نسبة البطالة الإجمالية، وهو وضع غير اعتيادي إطلاقا برأي المحللين، وفق وكالة “فرانس برس”.
وفيما استقر معدل البطالة الإجمالي في الولايات المتحدة ما بين 3.5 و4% بعد الجائحة، واصلت النسبة بين المتخرجين الجدد الارتفاع.
وتسجل سوق العمل للخريجين الجدد تراجعًا متواصلًا منذ عام 2022، مع انخفاض التوظيف الجديد بنسبة 16% في 2025 على أساس سنوي، وفقًا لشركة “غوستو” المتخصصة في الرواتب.
وبحسب المحللين، فإن هذا الاتجاه هو على الأرجح نتيجة تباطؤ دوري في التوظيف بعد الجائحة، ولا سيما في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على الخريجين الجدد مثل التكنولوجيا والمالية والأعمال، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين المخيمة على الاقتصاد العالمي مع البلبلة التي سادت بدايات ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وهذا ما يزيد من صعوبة أوضاع الشبان الذين يبحثون بأعداد كبيرة عن أول وظيفة لهم، فيما يواجهون في غالب الأحيان ديونًا طائلة لتسديد تكاليف دراستهم.
وقالت ريبيكا أتكينز التي تنقلت على مدى سنوات بين وظائف بدوام جزئي والعمل في مطاعم، “كل الوظائف التي أردتها لم تكن لدي المؤهلات لها، فغالبًا ما تتطلب وظائف المبتدئين خبرة لأربع أو خمس سنوات”.
ضبابية قصوى
وقال ماثيو مارتن الخبير الاقتصادي لدى “أوكسفورد إيكونوميكس”، “إنه بالتأكيد وضع استثنائي، تتوقعون ألا تكون الوظائف المكتبية عرضة للتباطؤ الدوري” مثل سواها.
وأظهرت دراسة أجراها مارتن أن فرص العمل في قطاع الخدمات للشركات تراجعت بأكثر من 40% منذ عام 2021، مع تأثر وظائف قطاع التكنولوجيا بصورة غير متناسبة.
وأوضح أن “جزءًا من ذلك يعود إلى تباطؤ وتيرة التوظيف إذ تعمد الشركات إلى تقليص كتلة العاملين فيها بعدما وظفت بأعداد كبيرة جدًا خلال 2022، لكن الحجم الهائل للانخفاض يشير كذلك إلى تأثير الذكاء الاصطناعي”، لافتًا إلى احتمال أن يقضي الذكاء الاصطناعي على بعض الوظائف الخاصة بالمبتدئين.
وقال غريغوري داكو الخبير الاقتصادي لدى مكتب “إيه واي بارتينون”، إن تباطؤ التوظيف في قطاع التكنولوجيا فيما تركز الشركات جهودها على الحفاظ على مواهبها، ينعكس بصورة “غير متكافئة” على الخريجين الشباب.
وتباطؤ التوظيف هو كذلك برأيه نتيجة التغييرات الكبرى المرتبطة بالسياسة التي يتبعها ترامب منذ توليه السلطة في يناير الماضي، موضحًا أن “الضبابية القصوى في ما يتعلق بسياسات الإدارة بشأن التجارة والرسوم الجمركية وغيرها حملت العديد من الشركات على إبطاء التوظيف أو تجميده”.
الذكاء الاصطناعي
لكنه حذر من التسرع في الاستنتاج أن الذكاء الاصطناعي بدأ فعليًا في القضاء على عمل المبتدئين، مشيرًا إلى أن اعتماد معظم القطاعات على التكنولوجيا لا يزال محدودًا.
والولايات المتحدة هي ربما الدولة الأغلى في العالم على صعيد التعليم الجامعي، إذ يبلغ متوسط تكاليف الدراسة الجامعية فيها 27.6 ألف دولار في السنة، بحسب البيانات الرسمية.
وتشير بيانات عام 2020 إلى أن 36.3% من طلاب الجامعات الأميركية حصلوا على قروض طلابية فيدرالية حتى يتمكنوا من دفع التكاليف المتزايدة، وتقدر مبادرة بيانات التعليم متوسط قيمة القروض الطلابية للمتخرجين بـ 29.5 ألف دولار.
وحتى بدون أعباء القروض الطلابية، فإن سوق العمل الضعيفة يمكن أن تجعل بعض الخريجين الجدد يشعرون بالإرهاق.